الفرق بين الطاقة المتجددة والغير متجددة ومصادرها
محتويات
الطاقة المتجددة والغير متجددة، أول ما يتبادر إلى أذهننا عندما نصادف هذين المصطلحين هو صورة من الألواح الشمسية وسط مساحة شاسعة تحت الشمس المباشرة، وفي المقابل الآخر صورة حفارة البترول التقليدية باللون الأسود وسط جو ملوث و سماء مغيمة، لذلك اقترح على قرائنا الكرام مشاركتنا هذه الرحلة للتعرف أكثر على كل نوع من هذه الطاقات و التطرق إلى تفاصيل أكثر بمصادر موثوقة تسمح برسم صورة اكثر دقة و وضوح خصوصا ونحن على مشارف سنة 2030 والنظام العالمي الجديد.
الفرق بين الطاقة المتجددة والغير متجددة
تعرَف الطاقة المتجددة (Renewable energy) بأنها الطاقة المستمدة والمستخلصة من المصادر أو الموارد الغير محدودة نظريًا مثل أشعة الشمس أو الرياح التي تتجدد باستمرار والتي لا تنتهي ولا تنفذ إلا بإذن الله تعالى، وهي متاحة بدون حد زمني أو يمكن تجديدها بسرعة أكبر مما يتم استهلاكها، بينما نتحدث عموما عن الطاقة الغير متجددة على أنها طَاقة مشتقة من موارد موجودة في الطبيعة وذات مخزونات محدودة وغير قابلة للتجديد على نطاق زمني بشري كالوقود الأحفوري (الفحم الحجري، النفط الخام والغاز الطبيعي) أو بعض المعادن كاليورانيوم المستعمل في توليد الطاقه النووية و التي قد تستغرق وقتًا طويلا لإنتاجها بكميات كبيرة.
مصادر الطاقة المتجددة والغير متجددة
مصادر الطاقة المتجددة
تصنف الطاقة المتجددة على حسب مواردها الطبيعية إلى خمسة أنواع وتشمل الطاقة الشمسية، طاقة الرياح وطاقة المياه، طاقة الحرارة الأرضية و الطاقة الحيوية.
الطاقة الشمسية
تعتبر الطاقة الشمسية من أكثر الموارد المتجددة وفرة على وجه الأرض حيث يمثل تدفق الطاقة الشمسية المستلمة سنويًا على سطح الارض حوالي 15000 ضعف من الطاقة المستهلكة، يتم استغلال الطاقة الشمسيه باستخدام تقنيتين مختلفتين: الأولى تعتمد على تحويل الإشعاع الشمسي إلى حرارة بواسطة أجهزة الاستشعار الحراري وتعرف باسم الطاقة الحرارية الشمسية وهي تستعمل بالدرجة الأولى في سخانات المياه بالطاقة الشمسيه والتي تعرف انتشارا كبيرا في أوروبا حيث تستخدم في المنازل ولأكثر من 600 ألف أسرة وهي نادرا ما تستعمل في إنتاج الطاقة الكهربائية.
بينما تعتمد التقنية الثانية على استغلال الإشعاع الضوئي و تحويله مباشرة إلى تيار كهربائي بواسطة حساسات الاستشعار الضوئي او ما يعرف بالخلية الكهروضوئية المكونة أساسا من مادة السيلكون التي لها القدرة على تحويل الفوتونات المحتواة في أشعة الشمس إلى إلكترونات و التي تشكل تيار كهربائي عند اجتيازها للنواقل الكهربائيه، تربط هده الخلايا فيما بينها لتجميع التيار الكهربائي المتولد على مستوى كل خلية وتثبت على شكل صفائح مسطحة تعرف باسم الألواح الشمسية، توصل هذه الأخيرة إما بالبطاريات عن طريق معدلات كهربائية لضمان شحنها واستغلالها محليا عند انقطاع الكهرباء أو عند اختفاء أشعة الشمس وإما بالشبكة الكهربائية للمساهمة في إنتاج طاقة كهربائية دائمة.
ترتبط كمية الكهرباء المنتجة بواسطة الألواح الشمسية بالكثافة ومدة سطوع الشمس واتجاه اللوحة بالنسبة للشمس. لذلك، تعمل مراكز استغلال الطاقة الشمسيه على استعمال تقنيات تسمح بالحفاظ على الزاوية المثلى بين أشعة الشمس و الألواح الشمسية وهي الزاوية التي تسمح بتوليد أكبر كمية من التيار الكهربائي وذلك باستعمال أنظمة متحركة تسمح بتغيير وضعية الألواح الشمسية بطريقة آلية على مدار اليوم.
يجدر بالذكر أن المملكة المغربية وضعت إطارًا تشريعيًا للطاقة المتجددة لدعم استراتيجية لإنتاج الكهرباء الوطني خلال الفترة 2010-2030 تحت إسم برنامج الطاقة الشمسية “نور“، والذي يقلل من إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 3.7 مليون طن ويساهم في توفير 250 منصب عمل دائم وما يقارب 2400 منصب عمل مؤقت نسبيًا.
طاقة الرياح
تعد طاقة الرياح واحدة من أكثر الطاقات الواعدة حيث أن التطور التكنولوجي سمح بزيادة حجم وقوة التركيبات من جهة و خفض تكاليف الإنتاج من جهة أخرى. تعمل الطاقة الحركية التي تنتج جراء هبوب الرياح عبر مراوح عملاقة على تشغيل مولدات تنتج الكهرباء، وحسب الإحصائيات التي قدمتها الرابطة العالمية لطاقة الرياح (WWEA) فإن الإنتاج العالمي لسنة 2021 من هده الطاقة بلغ 840 جيغاواط وهو ما يمثل 7% من الاستهلاك العالمي للطاقة الكهربائيه كما أنها تمنع إنتاج كمية هائلة من ثاني أكسيد الكربون وتقدر ب 1.1 مليار طن سنويا. وتعتبر الصين المنتج الأول عالميا لهذه الطاقة متبوعة بالولايات المتحدة الأمريكية في المركز الثاني و ألمانيا في المركز الثالث.
الطاقة المائية
تعتبر الطاقة المائية واحدة من أقدم الطاقات المتجددة استغلالا حيث أنها استعملت مند القدم لتشغيل الطواحين و توزيع المياه عن طريق توربينات أو تدوير عجلات خشبية بقوة تدفق الأنهار و المسالك المائية تسمى أيضا بالطاقة الكهرمائية، تعمل الطاقة الحركية للمياه كالأنهار، السدود، التيارات البحرية و حركات المد والجزر على تشغيل التوربينات المولدة للكهرباء بواسطة قوة تدفق الماء من مستوى أعلى الى مستوى أدنى و كلما زاد الارتفاع زادت شدة التدفق وزادت كمية الطاقة الكهربائية المتولدة.
تعتبر أيضا قوة تدفق المياه من ظاهرة المد والجزر والأمواج من أهم مصادر الطاقة المائية المتجدده، فعلى سبيل المثال تسمح أكبر محطة لتوليد الطاقة من المد والجزر المتواجدة ب (رانس) في فرنسا من إنتاج 240 ميغاواط سنويا.
الطاقة الحرارية الأرضية
يعتمد إستغلال الطاقة الحرارية الأرضية على التقاط الحرارة من أعماق مختلفة من القشرة الأرضية لاستغلالها في التدفئة أو إنتاج طاقه كهربائية طبيعية وهي الطاقة المتجددة الوحيدة التي لا تعتمد على الظروف الجوية.
تصنف الطاقة الحرارية الأرضية حسب العمق الذي تستخلص منه إلى ثلاثة انواع وهي الطاقة الحرارية الأرضية العميقة، الطاقة الحرارية الأرضية المتوسطة و الطاقة الحرارية الأرضية المنخفضة. بالنسبة للطاقة الحرارية الأرضية العميقة فهي تستخرج من عمق يصل حتى 2500 متر و حيث تتراوح درجة الحرارة من 150 إلى 250 درجة مئوية وهدا ما يجعل إنتاج الكهرباء بعملية تبخير الماء ممكنا.
أما بالنسبة للنوع الثاني و هو الطاقة الحرارية الأرضية المتوسطة فهي تستخلص حرارة تتراوح بين 30 إلى 150 درجة مئوية وهي تستخدم عادة لتشغيل شبكات التدفئة الحضرية الكبرى. النوع الثالث و هو الطاقة الحرارية الأرضية المنخفضة والتي تستخلص على عمق 10 و 100 متر بدرجة حرارة اقل من 30 درجة مئوية، فهي تستغل لتدفئة المنازل و المياه عن طريق استعمال مضخات حرارية لنقل الحرارة من جوف الأرض الى السطح.
الطاقة الحيوية
تُنتج الطاقة الحيوية باستغلال مجموعة من المواد العضوية، المحاصيل الزراعية و النفايات لإنتاج الحرارة والطاقة بطرق مختلفه. فلإنتاج الحرارة و الكهرباء، تستخدم التحولات كيميائية حرارية كالاحتراق ، الانحلال حراري والتغويز. أما بالنسبة لإنتاج الوقود الحيوي، فيستعمل النشا والجلوكوز المستخلصان من محاصيل البنجر وقصب السكر والحبوب للحصول على الايثانول الحيوي عن طريق عملية التخمر بينما يستخدم الزيت المستخرج من النباتات الغنية بالزيت، كبذور اللفت وعباد الشمس وفول الصويا وغيرها، لصناعة وقود الديزل الحيوي.
مصادر الطاقة غير المتجددة
رغم ان الاستخدام المكثف لهذه الطاقات له تأثير ضار على البيئة والتغيير المناخ، تلوث الهواء وتسرب النفط. انتشار غازات احتباس الحرارة و الزيادة المستمرة في درجات حرارة الغلاف الجوي العالمية إلا أنها لا تزال تشكل 80٪ من الطاقة العالمية المستهلكة خصوصا في مجالي الصناعة والنقل وكذلك في التدفئة. تنقسم مصادر الطاقة غير المتجددة (Non-renewable energy) إلى فئتين: الوقُود الاحفوري والطاقة النوويه.
الوقود الأحفوري
الوقود الاحفوري وهو وقود يتواجد في باطن الارض بكمية محدودة و يستغرق تكوينه ملايين السنين. يمكن تمييز ثلاثة انواع من الوَقود الأحفوري وهي الفحم والغاز الطبيعي والنفط.
أ) الفحم
يتكون الفحم من بقايا الطبيعة المتحجرة التي تشكلت مند ملايين السنين، يملك الفحم قيمة حرارية تسمح باستعماله كوقود حيث تطورت مراحل استغلاله بدأً من استعماله للتدفئة و وصولا الى استعماله لتشغيل الآلات و المحركات في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين، من سلبياته أنه طَاقة ناضبة وغير صديق للبيئة.
ب) الغاز الطبيعي
تكون الغاز الطبيعي في الطبقات السفلى من باطن الأرض في بعض المناطق من العالم جراء تحلل الكائنات دقيقة مدفونة منذ ملايين السنين وتحولها إلى جيوب غازية، بدأ الاستغلال الغاز الطبيعِي في العصر الحديث سنة 1820 بالولايات المتحدة الأمريكية ولكن لم يستطع منافسة البترول والفحم إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية و انتشار استعماله في أوروبا بشكل كبير.
ج) البترول
البترول هو نتيجة لعملية طويلة من تحلل الكائنات الحية النباتية والحيوانية استغرق تشكيلها ملايين السنين. وهو يستخدم حاليا لاشتقاق الوقود بمختلف أنواعه بشكل أساسي، واستخلاص الزيوت و الشحوم الصناعية كما انه يستعمل في الصناعة اغلب المواد البلاستيكية.
الطاقة النووية
يعتمد إنتاج الطاقة النوويه على استخدام اليورانيوم المخصب ، وهو عنصر مشع يشارك في عملية الانشطار النووي. تتمثل ميزة الطاقة النووية في أن استخدامها لا ينتج عنه غاز ثاني أكسيد الكربون ولكن ينتج نفايات مشعة شديدة السمية بعمر يصل إلى عدة آلاف من السنين ولا توجد طريقة معروفة للتعامل مع هذه النفايات في الوقت الحاضر، لذلك يتم تخزينها في انتظار الحل.
مستقبل الطاقة المتجددة
بالمقارنة مع الوضع الحالي، يمكن للطاقات المتجددة أن يكون لها مساهمة أكبر، وخاصة بفضل التقدم التكنولوجي و لكن لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تشكل الحل المرجو لمشكلة الطاقة على الأقل في المدى المتوسط.
فمثلا، في قطاع النقل، ورغم ما يروج له عن استبدال المحرك الإحتراق بالمحرك الكهربائي، فإن هذا لا يعني إن مشكل الوقود قد انتهى حيث ان نجاح هدا النوع من السيارات مرتبط بإنتاج البطاريات ذات السعة الكبيرة وهي ليس فقط ذات تكلفة عالية جدا ولكنها تصنع من مادة الليثيوم المتواجد في الصخور الصلبة و الذي يستخرج بتعريضه للحرارة باستخدام الوقود الأحفوري حيث تؤدي هده العملية الى تدمير مساحات كبيرة من الأراضي واستهلاك كميات هائلة من المياه وإطلاق ما يقارب 15 طنا من ثاني أكسيد الكربون لكل طن من الليثيوم.
خاتمة: نفهم من خلال قرائتنا لهذا المقال أنه لا يجب الحديث فقط عن الطاقات البديلة والمتجددة وإنما عن مزيج من الطاقة المتجددة والغير متجددة ومصادرها، أي لا ينبغي التخلي عن أي طاقة، باستثناء الطاقه النووية لأنها لا تزال موضع بحث ودراسة بسبب خطورتها و صعوبة التحكم بها، الحل الأمثل في الوقت الراهن يتمثل في الاعتدال و الاقتصاد في استخدام الطاقة، رفع كفاءة الطاقة، وأخيراً تحسين المردود العام للمنظومة.
مقالات ذات صلة
قانون المكتب الوطني للكهرباء بالمغرب رقم 40.09
يشكل قانون المكتب الوطني للكهرباء المنظم في المغرب الأساس القانوني الذي يحكم عمليات ومسؤوليات هذه…
سونكتار مستغانم – أكبر محطة للطاقة في الجزائر 2024
تحتفل الجزائر في شهر ماي/أيار المقبل بتدشين أكبر محطة لتوليد الكهرباء في الولاية الشمالية الغربية….